أقول : والأخبار في هذه المعاني كثيرة.
قوله : (وَما يُشْعِرُكُمْ) استفهام إنكار يعني أنّكم لا تدرون ، ونحن نعلم (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ).
قوله : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ)
المراد بالفؤاد هو القلب ، وهو الجوهر العاقل من الإنسان ، والبصر حيثيّة إدراكه ، وتقليبه جعل أعلاه أسفله وبالعكس ، فيرى العالى سافلا والسافل عاليا والحق باطلا وبالعكس.
وفي تفسير القمّي : عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ) ، يقول : [ننكّس] قلوبهم فيكون أسفل قلوبهم أعلاها ونعمى أبصارهم فلا يبصرون الهدى (١).
أقول : وهذا عود بعد عود إلى ما يهيئه الكفر والشرك والجحود في سرائرهم من الآثار وسيعود إليه أيضا في قوله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (٢).
قوله : (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ)
أي في أول البعثة والدعوة ، أو في عالم الذر قبل هذا العالم ، ولكلّ من الوجهين وجه.
قوله : (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)
فليسوا مستقلين قادرين على ما شاءوا إلّا أن يشاء الله ذلك ، فيملّكهم القدرة
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ٢١٣.
(٢). الأنعام (٦) : ١٢٢.