والمشيئة ولكنّ الله لا يفعل ذلك لفسقهم وطغيانهم السابق ، وهو يضلّهم ويقلّب أفئدتهم وأبصارهم ، قال تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (١).
وقال سبحانه : (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) (٢) ، وقال : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٣).
وعلى هذا فالمشيئة في الآية مشيئة اختيار لا مشيئة إجبار واضطرار كما ذكره بعض المفسرين ، ويشعر بما ذكرنا قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ).
أي يجهلون أنّهم ليسوا مطلقي العنان ، وأنّ الأمر بيد الله تعالى.
قوله : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ)
الشيطان هو العاتي المارد الشرير من كلّ شيء ، ولذا سمّيت به الحيّة ، وغلب استعماله في إبليس ، والوحي هو التكليم بنحو الإيماء وزخرف القول : القول المزيّن المموّه ، وزخرفه أي زيّنة.
وفي الخصال : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «الأنس على ثلاثة أجزاء : فجزء تحت ظلّ العرش يوم لا ظلّ إلّا ظلّه ، وجزء عليهم الحساب والعذاب ، وجزء وجوههم وجوه الآدمييّن وقلوبهم قلوب الشياطين» (٤).
أقول : يريد ـ عليهالسلام ـ تقسيم الناس إلى ثلاثة أصناف : الكاملين في جانب الخير ، والكاملين في جانب الشر ، والمتوسطين بين القبيلين ، إلّا أنّ
__________________
(١). التكوير (٨١) : ٢٩.
(٢). النحل (١٦) : ٣٧.
(٣). المنافقون (٦٣) : ٦.
(٤). الخصال ١ : ١٥٤ ، الحديث : ١٩٢.