وكيف كان ، فقوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) ، تقديره : الوزن هو الوزن الحق ، أي العدل على ما قيل ، ويؤيّده قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) (١) ، حيث بيّن الموازين بالقسط ، وهو العدل ، وهو حق الوزن الذي لا يبخس شيئا ولا يسامح فيه أصلا ، ولذا بدّل العدل بالحقّ.
وقوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)
جمع ميزان لا موزون كما يشعر به قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) (٢) ، فهناك موازين مختلفة وبيانه تعالى للموازين بالقسط لا يوجب وحدة الميزان ، فإنّ للعدل موازين مختلفة ، كما أنّ ميزان العدل في تخاصم العاجز والقوي ، غير ميزانه في تخاصم القوي والقوي ، نعم بعض موازين العدل أشمل وأوسع من بعض ، فميزان التوحيد أو الولاية وهما أوسع الأعمال دائرة ، أوسع من ميزان يوزن به عمل خاص ، كاختيار اليد اليمنى للأكل.
وبالجملة ، فهناك موازين توزن بها الأعمال ، غير أنّه سبحانه لم يقل : فمن ثقلت حسناته أو خفّت ، ولم يقل : فمن ثقلت موازين حسناته أو خفت حتى يستكشف منه أنّ الحسنات تقابل السيئات ، فأيّهما رجّحت ذهب بصاحب العمل إلى ما يقتضيه من جنّة أو نار ، بل جعل سبحانه ثقل الميزان سبب الفلاح وخفته سبب الخسران ، وهذا يلوّح بأنّ الحسنة ثقيلة مطلقا والسيئة خفيفة مطلقا وهو كذلك.
فإنّ آيات كثيرة في القرآن تنبىء عن أنّ الشرك والمعصية هلاك وبوار
__________________
(١). الأنبياء (٢١) : ٤٧.
(٢). الأنبياء (٢١) : ٤٧.