ويقابلها الحسنة ، وتشعر بذلك أيضا ذيل الآيات ، حيث يصف أهل الشرك والضلال بقوله : (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ). والخسران بطلان السعي ، وبقوله في سورة القارعة : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (١) ، والهاوية من الهوى أو الهويّ وهو الهلاك.
ويشعر به أيضا قوله سبحانه : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (٢) ، حيث يفرّع عدم نصب الميزان على حبط الأعمال ، ولو كانت السيئة ذات ثقل لم يبطل الوزن ، كما لم يبطل الوزن في من جملة أعماله حسنات من غير سيئة ، كأهل العصمة من الأنبياء والأولياء ، والآية عامّة غير مقيّدة.
وبالجملة ، فهذا الميزان من شأنه أنّه كلما ألقيت فيه حسنة زاد ثقلا ، وكلّما ألقيت فيه سيئة زاد خفّة على خلاف توزين الأجسام الثقيلة بموازين الثقل المألوفة عندنا ، بل كما يوزن الكمالات المعنوية عندنا فإنّا إذا أردنا توزين أحد في علمه بالطبّ أخذنا ملكة الطبّ بنفسها ميزانا ، ثم نورد عليه مسألة مسألة ، فكلّما علم شيئا زاد ثقلا ، وكلّما جهل شيئا زاد خفّة ، فإن ثقل ميزانا كان طبيبا ذا ملكة الطبّ ، وإن خفّ فليس من أهله وإن كان عنده بعض مسائله ، وعلى هذا ، فلو وزّن عمل واحد منّا أخذ ميزانه الدين أو الكمال الديني الذي تلبّس به النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ وحملة الدين من ورثته وأوصيائه ، ميزان ذات اختلاف بحسب اختلاف الأعمال ، فمن ثقلت موازينه فهو مفلح ، ومن خفت موازينه فهو خاسر خالد في جهنم ، كما تصرّح به الآية المنقولة من سورة المؤمنين.
__________________
(١). القارعة (١٠١) : ٩.
(٢). الكهف (١٨) : ١٠٥.