أقول : والعفاف : التحفّظ من طغيان الشهوة وسقوطه وأخذ طريق الإعتدال فيها ، وفي الحديث تخصيص لباس التقوى بمورد الشهوة من غير تعميم بمورد الغضب أيضا وهو المؤيّد بخصوصية الإستنتاج الذي في الآية ، فإنّ هذه الخطابات كالإستنتاج من قصّة الجنّة.
وفي تفسير القمّي : أيضا قال عليهالسلام : «لباس التقوى ثياب (١) البياض» (٢).
أقول : ولعلّه لكونها مصداقا للعفاف من حيث اللون في اللباس فإنّ البياض متوسط كالمعتدل بين الألوان المفرّحة المطربة كالحمرة والخضرة ، والألوان الكاسرة المحزنة كالسواد والنيليّة.
قوله : (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
إنّه إذا وجب لهم أن يواروا سوءاتهم باللباس ويتزيّنوا بالريش حفظا لظاهرهم ؛ وجب أن يتخذوا نظير ذلك حفظا لباطنهم وهو لباس التقوى ، وفي الكلام التفات من خطاب بني آدم إلى الغيبة ، ونقل الخطاب إلى النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، وأصل الإلتفات في قوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) ، حيث لم يقل : ذلكم خير ، وصرف الخطاب عنهم إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ.
والوجه فيه أنّ الإخبار عن أنّه هو أنزل اللباس لمواراة سوءاتهم لا يصحّ اجتماعه مع بيان كونه آية ، فإنّ كون شيء آية بالنسبة إلى مراد ، وبيان المراد من ذلك الشيء كلّ منهما يغني عن الآخر ؛ فلذلك غيّر الخطاب ليكون كأنّه قد بيّن
__________________
(١). في المصدر : «لباس»
(٢). تفسير القمّي ١ : ٢٢٥.