لقوم مراده لفظا ، ولقوم أنّه واف لبيان مراده ، فافهم ذلك.
فإن قلت : فكيف يبيّن كون بعض المخلوقات آية في نحو قوله [تعالى] : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) (١) ، وقوله [تعالى] : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (٢).
قلت : لا ضير فيه ، وإنّما يلغو لو كان بيّن لقوم إنّا أحيينا الأرض الميتة فلنا أن نحيي الإنسان الميّت ، وأنّ هذه آية لكم في كلام واحد وهو ظاهر بالتأمّل.
قوله : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ)
قد مرّ ما يتعلق بالآية من الكلام وظاهر الآية إطلاق السوءة.
قوله : (قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها)
الجملة الثانية لازمة للجملة الأولى ، فإنّ الاستناد في الدين لا يجوز إلّا إلى الله سبحانه ، فالإستناد إلى فعل الآباء وسنتهم بدعوى أنّ الله أمرهم بها ، ولذا نسب إليهم قولهم : (اللهُ أَمَرَنا بِها). وهو جهل ، فإنّ آبائهم مثلهم لا يكشف عملهم عن أمر الله وخاصة في الفحشاء ، فهو قول منهم على الله ما يعلمون.
وفي تفسير العياشي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : «من زعم أنّ الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشرّ إليه فقد كذب على الله» (٣).
أقول : [إنّه] ردّ على المجبّرة والقدريّة ، فالجبرية لقولها إنّ الله يجبر على
__________________
(١). يس (٣٦) : ٣٣.
(٢). الشورى (٤٢) : ٣٢.
(٣). تفسير العياشي ٢ : ١٢ ، الحديث : ١٦.