الملائكة لمكان العطف بالواو.
قلت : اقتضاء العطف مغايرة ما بين المعطوف والمعطوف عليه ، ممّا لا ينبغي الإرتياب فيه لقبح قولنا : جائني زيد وزيد ، وجائني زيد وابن عمر وإذا كان المعطوف والمعطوف عليه واحدا.
نعم ، المغايرة أعمّ من المغايرة النوعيّة بحسب الماهيّة ، والذي يستدل بقوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ، على مغايرة الخلق والأمر لا يريد مغايرة أزيد ممّا يقتضيه اعتبار الكلام.
ثم يتمّ البيان بآيات أخر فإنّ قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) ، أفادت الآية أنّ أمره تعالى إذا أراد شيئا أن يقول له : (كُنْ) ، ومن المعلوم أنّ هذا القول ليس بنحو التلفظ وإيجاد الصوت ، بل هو وجود الشيء لا بأن ينفصل عنه تعالى وجود وينتهي إلى الشيء المراد كحركة الشعاع من المنير إلى المستنير ، بل إنّما هو وجود الشيء في نفسه ، وقال سبحانه : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (٢) ، فأفاد أنّ الأمر واحد كاللمح بالبصر ، وهذه كلمة يراد بها نفي التدريج والتأنّي ، فأفاد أنّ الأمر وهو وجود الشيء غير تدريجي فهو غير زماني ولا مكاني ، فإنّ الزماني والمكاني لا ينفك عن التدريج ، فهذا الوجود الذي هو أمره تعالى شيء خارج عن المكان والزمان وهو وجود الشيء ، فلوجود كلّ شيء مراد وجهان :
وجه الأمر : وهو بهذا الوجه خارج عن الزمان والمكان ، تتساوى نسبته إلى كلّ زمان ومكان.
__________________
(١). يس (٣٦) : ٨٢ ـ ٨٣.
(٢). القمر (٥٤) : ٥٠.