وجه الخلق : وهو بهذا الوجه تدريجيّ الوجود تحت سيطرة الزمان والمكان ودون تأثير المادّة والقوّة وهذان الوجهان متحدّان بوجه مختلفان بوجه ، غير أنّ الوجه الخلقي تابع للوجه الأمري.
ثم قوله سبحانه : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) ، بعد قوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ) (٢) ، يعطي أنّ الملكوت هو الأمر ، فالعرش وهو مرحلة اجتماع أزمّة الأشياء هو الأمر وهو الملكوت ، والملك والملكوت خاضعان للربوبيّة ، ولذلك عقّب قوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ، بقوله : (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ، فتبارك الله ربّ العالمين.
قوله سبحانه : (تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)
نصب على الحال ، أي ذوي تضرّع وخفية ، وكذلك خوفا وطمعا كذا قيل ، والظاهر أنّهما من المفعول المطلق النوعي ، والتقدير : ادعوا ربّكم دعاء تضرّع وخفية ، وكذلك قوله : (خَوْفاً وَطَمَعاً) ، والتقدير : وادعوه دعاء خوف وطمع ، والتضرّع من الضراعة بمعنى التذلّل.
وفي تفسير القمّي : قال : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) ، أي علانية وسرا (٣).
أقول : وكان وجه الإستفادة المقابلة بين التضرّع والخفية ، فالتضرّع هو العلانية ، وفي وضع التضرّع مكان العلانية ما لا يخفى من الإشعار بوجه حسن
__________________
(١). يس (٣٦) : ٨٣.
(٢). يس (٣٦) : ٨٢.
(٣). تفسير القمي ١ : ٢٣٦.