فأنزل الله عليهم في السنة الثانية الجراد فجردت كل شيء كان لهم من النبت والشجر حتى كانت تجرّد شعرهم ولحيتهم ، فجزع فرعون من ذلك جزعا شديدا وقال : يا موسى ادع لنا ربّك أن يكفّ عنّا الجراد حتى أخلّي عن بني إسرائيل وأصحابك ، فدعاه موسى ربّه فكفّ عنهم الجراد فلم يدعه هامان أن يخلّي عن بني إسرائيل.
فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة القمّل فذهبت زروعهم وأصابتهم المجاعة ، فقال فرعون لموسى : إن رفعت عنّا القمّل كففت عن بني إسرائيل ، فدعا موسى ربّه حتى ذهب القمّل ، وقال : اوّل ما خلق الله القمّل في ذلك الزمان فلم يخلّ عن بني إسرائيل.
فأنزل الله عليهم بعد ذلك الضفادع ، فكانت تكون في طعامهم وشرابهم ، ويقال إنّها تخرج من أدبارهم وآذانهم وآنافهم فجزعوا من ذلك جزعا شديدا فجاءوا إلى موسى ، فقالوا : ادع الله يذهب عنا الضفادع فإنّا نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا موسى ربّه فرفع الله عنهم ذلك ، فلمّا أبوا أن يخلّوا عن بني إسرائيل ، حوّل الله ماء النيل دما ، فكان القبطي يراه دما والإسرائيلي يراه ماءا ، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماءا وإذا شربه القبطي يشربه دما ، فكان القبطي يقول للإسرائيلي : خذ الماء في فمك وصبّه في فمي فكان إذا صبّه في فم القبطي تحوّل دما فجزعوا من ذلك جزعا شديدا.
فقالوا لموسى : لئن رفع عنّا الدم لنرسلنّ معك بني إسرائيل ، فلمّا رفع الله عنهم الدم غدروا ولم يخلّوا عن بني إسرائيل ، فأرسل الله عليهم الرجز وهو الثلج ولم يروه قبل ذلك ، فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله.
فقالوا : (يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ