فقالت الطائفة التي وعظتهم : لا والله لا نبايتكم (١) الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمّنا معكم.
قال : فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء (٢) ، فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء ، فلمّا أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله تعالى غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية ، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت ، فدقّوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حسّ أحد ، فوضعوا سلّما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم ، فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون.
فقال الرجل لأصحابه : يا قوم أرى والله عجبا ، قالوا : وما ترى؟ قال : أرى القوم وقد صاروا قردة يتعاوون ، لها أذناب ، فكسروا الباب ودخلوا المدينة.
قال : فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولم يعرف الإنس أنسابها من القردة.
فقال القوم للقردة : «ألم ننهكم» (٣) ، الحديث.
وفي المجمع : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «هلكت الفرقتان ونجت الفرقة الثالثة» (٤).
أقول : وروى [ما] في معناه في الكافي وتفسير العياشي (٥) ، وظاهر الآية يساعده ، فإنّ الله سبحانه قسّم القوم قسمين فقال : (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، والأمة القائلة : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ)
__________________
(١). في تفسير العياشي : + «لا نجا معكم»
(٢). في تفسير العياشي : ـ «فيجمعنا معكم ، قال فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء»
(٣). تفسير القمي ١ : ٢٤٤ ؛ تفسير العياشي ٢ : ٣٣ ـ ٣٤ ، الحديث : ٩٢.
(٤). مجمع البيان ٤ : ٣٨٣.
(٥). الكافي ٨ : ١٥٨ ، الحديث : ١٥١ ؛ تفسير العياشي ٢ : ٣٥ ، الحديث : ٩٧.