والجواب : أمّا عن صدر الإحتجاج فبأنّ : مجرد الإستبعاد غير مفيد مع أنّا ذكرنا أنّ الذي يتمّ به الحجة وهو معرفة التوحيد محفوظ غير منسيّ ، وإنّما المنسيّ خصوصيات الموقف ولا مدخل لها في تمام الحجّة.
وأمّا عن ذيله فبأنّ : الطريق إلى إبطال قول التناسخية غير منحصر في ذلك حتى لو لم يمتنع نسيان ما مضى جاز التناسخ وهو ظاهر بالرجوع إلى محلّه ، ولا دليل على امتناع نسيان بعض العوالم في بعض آخر.
ومنها : غير ذلك ممّا أورد على الأخبار الناطقة بأن الله سبحانه أخذ من صلب آدم ذريّته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذرّ فأخذ منهم الميثاق ، بأنّها مخالفة لظاهر الكتاب ، فإنّه تعالى قال : (مِنْ بَنِي آدَمَ) ، ولم يقل : من آدم ، وقال : (مِنْ ظُهُورِهِمْ) ، ولم يقل من ظهره ، وقال : (ذُرِّيَّتَهُمْ) ، ولم يقل : ذريّته ، ثم أخبر بأنه فعل ذلك بهم كراهة أن يقولوا يوم القيامة : (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ، (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) ، وهذا يقتضي أن يكون لهم آباء مشركون ، فلا يتناول الظاهر ولد آدم لصلبه.
ومن هنا قال بعضهم : بأنّ الآية مخصوصة ببعض بنى آدم لا جميع البشر ، فهى غير شاملة لآدم وولده من صلبه وجميع المؤمنين ، ومن المشركين من ليس له آباء مشركون ، بل يختصّ بالمشركين الذين لهم سلف مشرك ، هذا.
والجواب : أنّ قوله تعالى : (مِنْ بَنِي آدَمَ) ، يدلّ بنفسه على أخذ ولده من ظهره فلا حاجة إلى التصريح معه ، وأمّا الأخبار ، ففي مقام بيان القصة لا شرح الفاظ الآية حتى يورد عليها مخالفة ظاهر وأمّا عدم شمولها لولد آدم من صلبه ، فغير وارد ، لأنّ المراد أنّه تعالى إنّما فعل ذلك لئلّا يقول المشركون : (إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا) ، لا أن يقول كل واحد منهم : إنّما أشرك آبائى ، فالقول قول المجموع من