قول الله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ، قالوا بالسنتهم؟ قال : «نعم وقالوا بقلوبهم» ، فقلت : «وأين كانوا يومئذ؟ قال : «صنع منهم ما اكتفى به» (١).
أقول : ظاهر الرواية أن الجواب كان باللسان والقلب جميعا أي بكلّهم فيؤول إلى أنّهم يومئذ كانوا ولم يتميز منهم جارحة عن جارحة وهو الروح ، غير أنّ له كلاما كالكلام الذي باللسان لصدق حقيقة الكلام عليه ، ويؤيّد هذا المعنى قوله ـ عليهالسلام ـ : «صنع منهم ما اكتفى به» ، ومحصل الجميع : أنّ هذه المرحلة مرحلة تفرّق الأرواح وانفصالها بعد اجتماعها واتّصالها بحسب الحقيقة ولها كلام.
وفي تفسير العياشي ـ أيضا ـ : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : «إنّ بعض قريش قال لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : بأيّ شيء سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ فقال : إني كنت أوّل من أقرّ بربّي ، وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيّين (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) ، (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ، فكنت أوّل من قال : بلى ، فسبقتهم إلى الإقرار بالله» (٢).
أقول : الآية المشتملة على أخذ الميثاق من النبيّين.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا) (٣).
وقد مرّت في سورة البقرة ، ومرّت عدّة من الروايات الواردة فيها هناك.
وقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى
__________________
(١). تفسير العياشي ٢ : ٤٠ ، الحديث : ١١.
(٢). تفسير العياشي ٢ : ٣٩ ، الحديث : ١٠٧.
(٣). آل عمران (٣) : ٨١.