وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (١).
وسيجيء في سورة الأحزاب ، ويأتي ما يتعلّق بها من الكلام وما وردت فيها من الروايات.
وقوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في الرواية : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ، يشعر بأنّ الميثاق ميثاق واحد مأخوذ على الأنبياء وغيرهم جميعا أخذا واحدا ، وإنّما تعيّن في كلّ طائفة بحسب حالهم كما مرّ ذلك في سورة البقرة.
وفي تفسير القمي : عن ابن مسكان ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ) ، قلت : معاينة كان هذا؟
قال : «نعم ، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه ، فمنهم من أقرّ بلسانه [في الذرّ] ولم يؤمن بقلبه فقال الله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ)» (٢) (٣).
أقول : قد مرّ أنّ الغيب والشهادة أمران نسبيّان ، فكلّ غائب مشهود في نفسه غيب بالنسبة إلى غيره ، فالدنيا كانت غيبا في الميثاق ؛ كما أنّ الميثاق غيب بالنسبة إلى الدنيا ، فلو فرض في الميثاق مخالفة بين الظاهر والباطن بأن يظهر أحد الإيمان ويبطن الشرك كان ذلك في الدنيا كفرا ظاهرا واعترافا باطنا ، وهذا هو الذي ذكره ـ عليهالسلام ـ بقوله : فمنهم من أقر بلسانه ولم يؤمن بقلبه.
والمراد بالإيمان المنفي مطاوعة القلب بمعنى عقده على الإطاعة والخضوع
__________________
(١). الأحزاب (٣٣) : ٧.
(٢). يونس (١٠) : ٧٤.
(٣). تفسير القمي ١ : ٢٤٨.