قوله تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) (١) إشارة إلى قولهم : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، وقوله : (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) (٢).
والذي يتحصل بالتدبّر أنّهم وإن كذبوا يوم القيامة على أنفسهم إلّا أنّه متفرّع على ضلال شركائهم وفقدهم إيّاها ومزايلة ما بينهم على حضورهم وحضور شركائهم ، وضلال شيء عن شي وخاصة مع حضورهما ليس إلّا بسقوط الرابطة بينهما وزوال التأثير والسعي وبطلان النفع والإنتفاع ، على أنّه سبحانه يقول : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ* إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٣) فنفي الأسباب يومئذ ونفي القدرة مطلقا عن غيره ، وقال سبحانه : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤) وقال : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٥) ، فنفي الملك والأمر عن غيره يومئذ.
وهذه المعاني أعني انتفاء الملك والأمر والقدرة عن غيره سبحانه ، وإن اشترك بين يوم القيامة وغيره كسائر ما عدّ في القرآن من أوصاف يوم القيامة كقوله : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) (٦) وقوله : (ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) (٧) إلى غير ذلك من الآيات.
__________________
(١). المجادلة (٥٨) : ١٨.
(٢). الكهف (١٨) : ٥٢.
(٣). البقرة (٢) : ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٤). غافر (٤٠) : ١٦.
(٥). الانفطار (٨٢) : ١٩.
(٦). غافر (٤٠) : ١٦.
(٧). غافر (٤٠) : ٣٣.