الخارجة عن النفس المحمولة للإنسان ، بل هما مع الإنسان في مرتبة نفسه ، فإنّ المغفرة لا تنال الزنا ، بل الإنسان صاحب الزنا ، فيمكن أن ينجي الله صاحب الحمل من وبال حمله ، وأمّا الشرك مثلا فليس من قبيل الحمل ، فهو نقص وقصور في عين النفس الإنسانية كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) ، وليس المراد أنّ توبة المشرك غير مقبولة دون غيره وهو ظاهر بل المراد ما أشرنا إليه ، فما لم يخلص الإنسان نفسه لربّه لم يغفر له ، ولا يجتمع الشرك مع الرجوع إلى الله ، بخلاف فعل المعصية فإنه موجود في مرتبة الفعل دون النفس ، ولذلك ذكر في ذيل الرواية وهو كالإستدراك ، فقال : «مدمن الزنا والسرقة وشارب الخمر كعابد الوثن» الخبر ، فإنّ الإدمان وهو الإدامة والإصرار يصاحب ملكة نفسانية لا يدع للتوبة حقيقة وصدقا ونظيره معنى قوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (٢) وقوله سبحانه : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) (٣) وقوله : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) (٤).
وفي تفسير العياشي أيضا : عن أبي بصير عنه عليهالسلام في الآية قال : «نعوذ بالله يا أبا بصير أن تكون ممن لبس إيمانه [بظلم]» ثم قال : «أولئك هم الخوارج وأصحابهم» (٥).
وفيه وفي الكافي : عن عبد الرحمن بن كثير عنه عليهالسلام قال : «آمنوا بما
__________________
(١). النساء (٤) : ٤٨.
(٢). النساء (٤) : ١٣٧.
(٣). النساء (٤) : ١٧.
(٤). آل عمران (٣) : ١٣٥.
(٥). تفسير العياشي ١ : ٣٦٧ ، الحديث : ٥٠ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٥٩٠ ، الحديث : ١١.