ما نعدّه نعمة من أعراض الحياة الدنيا وزخارفها ليست بنعمة بقول مطلق ، وعلى الحقيقة ، فإنّ النعمة إنّما تعدّ نعمة إذا لائمت ما يقتضيه الوجود وتحتاج إليه الحياة ، فلا بدّ أن تكون كمالا وسعادة ، وحيث كانت الخلقة ليجري الإنسان في مجرى التوحيد وطريق ولاية الله تعالى ، فلو وقع الإنسان في طريق السعادة وصراط ولاية الله فجميع ما آتاه الله تعالى من مال وجاه وولد وصحّة وعافية ، نعمة عليه باعتبار ، وفتنة وابتلاء باعتبار.
وإذا انحرف عن مجراه الفطري وصراطه الجبلّي انقلب جميع ذلك نقمة عليه ، لأنّها شاغلة إيّاه عن الوصول إلى خيره وسعادته ، فهي أنواع من العذاب يعذّبه الله سبحانه بها في الدنيا.
وقد مرّ بعض ما يناسب المقام في قوله : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (١) من سورة البقرة.
وقوله : (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ)
الزهوق : الخروج بصعوبة.
وقوله : (يَفْرَقُونَ)
من الفرق بالتحريك وهو : الخوف.
قوله سبحانه : (أَوْ مُدَّخَلاً)
في المجمع عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : أسرابا في الأرض.
__________________
(١). البقرة (٢) : ٣٥.