المحال شمول المغفرة لمن حقّت عليه كلمة العذاب ، وقد قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١)
وأمّا تبيّن كونهم من أصحاب الجحيم فبموتهم على الشرك أو بوحي من الله سبحانه كقوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢)
والإتيان بلفظ التبيّن مقابلة لما يتلوه من قوله : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ)
قوله سبحانه : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ)
استدراك ودفع دخل لما حكاه الله سبحانه في كلامه من استغفار إبراهيم ـ عليهالسلام ـ لأبيه ، قال سبحانه حكاية عنه وعن أبيه : (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا* قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا* وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (٣)
والآيات كما ترى تشعر بأنّه ـ عليهالسلام ـ إنّما قال ذلك عند موادعة أبيه فيما ألزمه بالهجرة والبعد عنه رجاء منه في إيمانه ، وتطميعا له في مغفرة الله سبحانه ، ثمّ قال سبحانه حكاية عنه ـ عليهالسلام ـ : (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ* أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ* فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ* الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) إلى أن قال : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) إلى أن قال :
__________________
(١). النساء (٤) : ٤٨ و ١١٦.
(٢). البقرة (٢) : ٦.
(٣). مريم (١٩) : ٤٦ ـ ٤٨.