الآية ، ومضمون قوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ) إلى آخر الآية ، حجّتين مستقلتين في سورة ص ، قال تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ* أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (١)
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا)
الآيات الثلاث في مقام التعليل لقوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ) إلى آخر الآية. والمراد باللقاء يوم الرجوع إلى الله تعالى. اختار التعبير باللقاء جريا على ما جرى به قوله تعالى في أوّل السورة حيث قال : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) فإنّه الحضور والحضور يشعر باللقاء.
وقوله تعالى : (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا)
يشير إلى ركونهم بالحياة الدنيا بعد يأسهم من الآخرة ، فإنّ كلّ إنسان بل كلّ موجود بما أودع الله تعالى فيه من الغريزة والفطرة متعلّق القلب بالوجود لا يتعداه إلى غيره ، إلّا أنّ الله ـ سبحانه ـ أخبر رسوله في كتابه : (أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) (٢) ، وأنّها (مَتاعُ الْغُرُورِ) (٣) ، وأنّها وهم يتوهّمه الإنسان كسراب ظاهر للظمآن ، وأنّ الدار الآخرة هي الحياة حقيقة ، فلو يأس الإنسان من الآخرة وانقطع عمّا عند الله ـ سبحانه ـ تعلّق قلبه لا محالة إلى الحياة الدنيا
__________________
(١). ص (٣٨) : ٢٧ ـ ٢٨.
(٢). الحديد (٥٧) : ٢٠.
(٣). الحديد (٥٧) : ٢٠.