قوله تعالى : (بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ)
كناية عن عدم الوجود وهي كناية شائعة ، وفي تفسير القمّي ، قال : قال : كان قريش (١) يعبدون الأصنام ويقولون : إنّما نعبدهم ليقرّبونا إلى الله زلفى ، فإنّا لا نقدر على عبادة الله ، فرّد الله عليهم وقال : قل لهم يا محمّد : (أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ)، أي : ليس يعلم فوضع حرفا ، مكان حرف أي : ليس له شريك يعبد (٢).
أقول : معنى الحديث أنّ الكلام وضع موضع المقابلة بالمثل ، فإنّهم قالوا : إنّا لا نعبد ما لا ندركه بوجه ، بل نعبد ما ندركه ليقرّبنا إليه ، فأجيبوا بأنّكم تعبدون ما لا يعلم الله به فكيف يقربّكم إليه وهو لا يعلم به؟!
قوله تعالى : (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً)
الآية تشير إلى حال الإنسان الأوّلي في بدء الخلقة لم يكن بينهم اختلاف في دنيا ولا دين ، بل كانوا على الفطرة المفطورة ، ثمّ نشأ فيهم الاختلاف ، فأخّر سبحانه القضاء الفصل بينهم لكلمة قالها فيهم عند إهباط آدم ـ عليهالسلام ـ من الجنّة ، وهي قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (٣) ، وبعث فيهم الأنبياء وأنزل إليهم الكتاب ، وقد مرّت نظيرة الآية في سورة البقرة فارجع إليها (٤).
قوله سبحانه : (فَانْتَظِرُوا)
يدلّ على إمكان نزول ما كانوا يقترحونه من الآيات وترقّب نزوله ، وهو الشر
__________________
(١). في المصدر : «كانت قريش»
(٢). تفسير القمّي ١ : ٣١٠.
(٣). البقرة (٢) : ٣٦.
(٤). البقرة (٢) : ٢١٣.