الذي كانوا يستعجلونه من القضاء الفصل بين النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والامّة ، وسيعود هذا الرّجاء وعدا محتوما في أواسط السورة عند قوله تعالى : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) (١) إلى تمام عشر آيات.
قوله تعالى : (قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً)
وإنّما كان أسرع مكرا لأنّ المكر الذي يمكرون به هو بعينه مكر من الله بهم وهو أقرب إليهم من أنفسهم ، فمكره بهم أسرع وصولا إليهم من مكرهم في آيات الله تعالى ، كما قال تعالى في الآية التالية : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ).
ويدلّ أيضا على ما ذكرنا جميع ما ورد في القرآن من آيات الاستدراج ونحوها.
قوله سبحانه : (إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ)
سيجيء معنى كتابة الملائكة للأعمال في سورة الجاثية عند قوله تعالى : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) (٢) ، وإنّ كتابة الملائكة نفس الأعمال الخارجيّة لا رسوم مأخوذة منها نظير الكتابة المعمولة عندنا ، وعلى هذا يستقيم كون مكر الله تعالى أسرع بكتابة الرسل لأعمالهم فلا تغفل.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)
لمّا بيّن أنّ لهم مكرا في آيات الله سبحانه ، وأنّ الله تعالى يقلب مكرهم إليهم ،
__________________
(١). يونس (١٠) : ٤٦.
(٢). الجاثية (٤٥) : ٢٩.