قوله : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ)
إلى آخر الآيتين ، وهاتان الآيتان مشتملتان على حجّتين أخريين تشتملان على أخصّ صفات الله سبحانه ممّا يدلّ عليه نظام الخلق والبعث ، وليسا في شركائهم من الأصنام.
إحداها : إدارة البدء والعود في الأشياء.
والثانية : الهداية إلى الحقّ.
فقانون الإبداء والإعادة على ما مرّ بيانه في صدر السورة ممّا يستند إلى ربّ العالم وهو لا يستند إلى الأصنام ، فإنّها بنفسها واقعة تحته محكومة بحكمه ، والهداية إلى الحقّ أيضا مستند إليه وليس مستندا إلى الأصنام ، لأنّها لا تملك لأنفسها شيئا ، ولذا غيّر سياق هاتين الحجّتين عن سياق الحجّة السابقة ، فالحجّة الأولى في سياق السؤال عمّن يرزقهم؟ وعمّن يملك السمع والبصر؟ وعمّن يخرج الحيّ والميّت؟ وعمّن يدبّر الأمر كائنا من كان؟ وجواب المشركين : أنّه الله.
والحجّتان الأخيرتان في سياق السؤال عن أنّ شركائهم هل فيهم من يبدء ويعيد؟ وهل فيهم من يهدي إلى الحقّ؟ ولا جواب للمشركين في ذلك. ولذلك يقول سبحانه : (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ويقول ـ سبحانه ـ : (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ).
فلا يقال : ما الفرق بين السؤال الأوّل بقوله : (مَنْ يَرْزُقُكُمْ) وحيث أردفه بقوله : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) فذكر الجواب عن قبل المشركين ، وبين السؤال الثاني والثالث بقوله : (مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)، وبقوله : (مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ)