أقول : وهذا المعنى مروي في عدّة كتب : كتفسيري القمّي والعيّاشي والكافي ومجالس الصدوق وأمالي الشيخ ، وهو من باب عدّ أفضل المصاديق (١).
قوله تعالى : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ)
كان الضمير المجرور راجع إلى الشأن والمعنى : إنّ جميع الأعمال بعين الله سبحانه وفي شهوده ، لا بعلم سابق منطبق ، بل بحضوره تعالى عند كلّ عمل ، وحضوره بعينه بين يديه ، وإفراده رسوله بالذكر وحده ، وتميّزه من بينهم مع اشتراكهم معه في الحكم اختصاص تشريفي كما في غير هذا المورد من كلامه تعالى ، كقوله تعالى : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٢) وقوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) (٣) إلى غير ذلك كما إنّ إفراد تلاوة القرآن من بين سائر شؤون رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بالذكر مع دخوله في عموم قوله : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ) كما يدلّ عليه قوله : (مِنْهُ) اختصاص تشريفي ، وإنّما أخّر تلاوة القرآن في الذكر ليدلّ على أنّه من جملة شؤون رسوله وأعظم شؤونه ، إذ لو قدّم فات شأن الضمير فافهم.
وفي تفسير القمّي مرسلا ، وفي المجمع عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إذا قرأ هذه الآية بكى بكاءا شديدا (٤).
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ٣٤٢ ؛ تفسير العيّاشي ٢ : ١٢٤ ، الحديث : ٢٩ ؛ الكافي ١ : ٤٢٣ ، الحديث : ٥٥ ؛ الامالي للصدوق : ٤٩٤ ، المجلس الرابع والسبعون ، الحديث : ١٣ ؛ الامالي للشيخ الطوسي : ٢٥٤ ، المجلس التاسع ، الحديث : ٤٥٧.
(٢). التحريم (٦٦) : ٨.
(٣). البقرة (٢) : ٢٨٥.
(٤). تفسير القمّي ١ : ٣١٣ ؛ مجمع البيان ٥ : ٢٠٣.