إيمان ، وقبله إسلام.
ولمّا كان الإيمان الأوّل نزول الإسلام الأوّل ، وهو التسليم اللفظي إلى القلب وسريانه وانتشاره في الجوارح وإعمالها ، كان هذا الإيمان الخالص نزول التسليم الحقيقي في القلب وسريانه في جميع الأفعال والأعمال.
فهذه المرتبة من الإيمان اذعان بالعبودية قلبا ، وتمكّن معنى العبودية في جميع الأعمال والأفعال ، بحيث يحكي كلّ فعل من العبد معنى عبوديته وصفة مملوكيّته حكاية حقيقة وعيان ، لا حكاية تكلّف وتعسّف.
هذا وفي الجوامع عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : إنّه سئل عن أولياء الله فقال : الذين يذكّر الله برؤيتهم (١).
وفي الكافي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : من عرف الله وعظّمه منع فاه من الكلام ، وبطنه من الطعام ، وعفا نفسه بالصيام والقيام ـ قالوا : بآبائنا وامّهاتنا يا رسول الله هؤلاء أولياء الله ـ؟ ، قال : إنّ أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكرا ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة ، لولا الآجال التي كتبت عليهم لم تقرّ أرواحهم في أجسادهم خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب (٢).
أقول : ومعنى الروايتين ظاهر من البيان السابق.
وقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب» كناية عن المحبّة ، فإنّها الصفة المحفوظة بالخوف والرجاء ، فإنّ الصفات
__________________
(١). جوامع الجامع ٢ : ١١٩.
(٢). الكافي ٢ : ٢٣٧ ، الحديث : ٢٥.