وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)؛
وقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ؛ (١)
وقوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ* لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ* فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (٢)
وسياق الآية الثانية يفيد أنّ نزولها بعد الآية الاولى والآيات الأخيرة ، لمكان قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا) فهي بعد الوقعة بزمان ، ثمّ الآيات الأخيرة تدلّ على أنّهم كلّموا رسول الله في أمر الأسرى أن لا يقتلهم ويأخذ الفدية ، ثمّ يعاتبهم على ذلك بأنّهم يريدون به الدنيا ، ثمّ يجوّز لهم الأكل ممّا غنموا من الأسرى ، فكأنّهم فهموا منه أنّ الغنيمة لهم بمعنى أنّها لهم يملكونها ، وقد أخطأوا في فهمهم ، وإنّما جوّز الله لهم الأكل منها ولم يملّكهم ذلك ، ثمّ صار ذلك الاعتقاد منشأ لاختلافهم فيما بينهم في تشخيص المالكين لها وأنّهم المجاهدون أو القاعدون عند رسول الله ، فنزلت أنّ (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
والأنفال : هي الزوائد ، فإنّ المراد بالقتال الظفر على العدوّ ، فما اخذ منه وغنم يكون زيادة عليه ونفلا ، فالمراد بالأنفال الغنائم والزوائد مطلقا.
ومن هذا البيان يظهر أنّ الآيات الأخيرة نزلت أوّلا فأثبتت لهم جوازا في أكل الغنائم لا ملكا ، ثمّ نزلت الآية الاولى فأثبتت الملك لله ولرسوله فقسمه
__________________
(١). الأنفال (٨) : ٤١.
(٢). الأنفال (٨) : ٦٧ ـ ٦٩.