والشوكة صحّ أن ينفي عنهم القتل وينسب إلى الله سبحانه وهو ناصرهم ، فنفاه الله تعالى عنهم وقال : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ).
ولمّا كان هذا إنّما يكفي في نفي الأسباب العاديّة الطبيعيّة دون الأسباب غير العاديّة ، كرمي رسول الله الحصاة ونزول الملائكة ، وكان المراد نفي الجميع غير الله سبحانه نفى رمي رسول ثانيا حتّى لا يتوهّم أنّ الرسول لاتّصاله بجانب الله له تأثير وفعل ، فقال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)، وكان حقّ الكلام التدرّج من الضعف إلى القوّة.
ولذلك قدّم نفي القتل عنهم ، ثمّ أردفه بنفي الرمي من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ إشعارا بالتعظيم والحرمة ، ومع ذلك لم ينف الرمي كلّ النفي ، كما نفى القتل كلّ النفي ، فقال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) ولم يقل فلم تقتلوهم إذ تقتلونهم ، ففيه مع ذلك إشعار بأنّ فعل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فعله سبحانه دون فعلهم ترفيعا لفعله عن فعلهم.
وفي قوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) وجه آخر وهو أنّ فعله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فعل الله سبحانه لمكان الولاية الكلّية ، وقد تقدّم في الكلام على الولاية ما يوضح المقام فارجع إليه.
قوله سبحانه : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ)
في تفسير أبي حمزة قال أبو جهل : اللهمّ ربّنا ديننا القديم ودين محمّد الحديث ، فأيّ الدينين أحبّ إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم. (١)
__________________
(١). بحار الأنوار ١٩ : ٢٢٩.