الله ، حين لا تنفعكم المعرفة ، أو : سيضطركم إلى معرفة آياته ، والإقرار بأنها آيات الله حين ظهورها ، (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ، بل محيط بعمل المهتدى والضال ، غير غافل ، فيجازى كلا بما يستحقه.
وتخصيص الخطاب أولا به ـ عليه الصلاة والسلام ـ وتعميمه ثانيا للكفرة تغليبا ، أي : وما ربك بغافل عما تعمل أنت من الحسنات وما تعملون أنتم ـ أيها الكفرة ـ من السيئات ، فيجازى كلا بعمله. ومن قرأ بالغيب (١) فهو وعيد محض ، أي : وما ربك بغافل عن أعمالهم ، فسيعذبهم البتة ، فلا يحسبوا أن تأخير عذابهم لغفلته تعالى عن أعمالهم ، بل يمهل ولا يهمل. والله تعالى أعلم.
الإشارة : إذا فرغ الواعظ من وعظه وتذكيره ، أو : العالم من تدريسه وتعليمه ، أقبل على عبادة ربه ، إما عبادة الجوارح الظاهرة ، من صلاة وذكر وتلاوة ، أو عبادة القلوب ، كتفكر واعتبار ، أو استخراج علوم وحكم ودرر. وإما عبادة الأرواح ، كنظرة وفكرة وشهود واستبصار. وهذه عبادة الفحول من الرجال ، فمن اهتدى إليها فلنفسه ، ومن ضل عنها فقل إنما أنا من المنذرين. والحمد لله رب العالمين ـ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
__________________
(١) قرأ حفص ، ونافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر ، ويعقوب (تعملون) بتاء الخطاب. وقرأ الباقون بالغيب. انظر الإتحاف (٢ / ٣٣٧).