قال القشيري : لا تصحّ الهجرة إلى الله إلا بالتبرّى بالقلب عن غير الله ، والهجرة بالنفس يسيرة بالنسبة إلى الهجرة بالقلب ، وهى هجرة الخواص ، وهى الهجرة عن أوطان التفرقة إلى ساحة الجمع ، والجمع بين التعريج فى أوطان التفرقة والكون فى مشاهدة الجمع متناف. ه. وقال فى قوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) أي : للدنوّ والقربة والتخصيص بالزلفة. ه.
ثم ذكر قصة لوط ، فقال :
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٢) وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥))
يقول الحق جل جلاله : (وَ) اذكر (لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) أي : الفعلة البالغة فى القبح ، وهى اللواطة ، (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) : جملة مستأنفة مقررة لفحش تلك الفعلة ، كأن قائلا قال : لم كانت فاحشة؟ فقال : لأن أحدا ممن قبلهم لم يقدم عليها ، قالوا : لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط. (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) أي : تتعرضون للسابلة بالقتل وأخذ المال ، كما هو شأن قطاع الطريق ، وقيل : اعتراضهم السابلة لقصد الفاحشة ، (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ) ؛ فى مجالسكم الغاصة بأهلها ، ولا يقال