زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ...)
يقول الحق جل جلاله : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، ويندرج فيهم المستأذنون بعد دخولهم البيوت اندراجا أوليّا ، أي : قل لهم : (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ، و «من» : للتبعيض ، والمراد : غض البصر عما يحرم ، والاقتصار على ما يحل. ووجه المرأة وكفاها ليس بعورة ، إلا خوف الفتنة ، فيحل للرجل الصالح أن يرى وجه الأجنبية بغير شهوة. وفى الموطأ : هل تأكل المرأة مع غير ذى محرم ، أو مع غلامها؟ قال مالك : لا بأس بذلك ، على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال ، وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله. ه. وقال ابن القطان : فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويديها للأجنبى ، إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا ، وقد أبقاه الباجى على ظاهره ، وقال عياض : ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها ، وإنما ذلك استحباب أو سنّة لها ، وعلى الرجل غض بصره. ثم قال فى الإكمال : ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم. ه.
(وَ) قل لهم أيضا : (يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، إلا على أزواجهم ، أو ما ملكت إيمانهم ، وتقييد الغض بمن التبعيضية ، دون حفظ الفروج ؛ لما فى النظر من السّعة ، فيجوز النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها وقدميها ، وإلى رأس المحارم والصدور والساقين والعضدين. قاله النسفي. قلت : ومذهب مالك : حرمة نظر الساقين والعضدين من المحرم ، فإن تعذر التحرر منه ، كشغل البنات فى الدار ، باديات الأرجل ، فليتمسك بقول الحنفي ، إن لم يقدر على غض بصره. قاله شيخنا الجنوى.
(ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أي : أطهر لهم من دنس الإثم أو الريبة ، (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) ، وفيه ترغيب وترهيب ، يعنى : أنه خبير بأحوالهم وأفعالهم ، فكيف يجيلون أبصارهم ، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؟! فعليهم ، إذا عرفوا ذلك ، أن يكونوا منه على حذر.