قال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) ... حتى قال له تعالى : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) (١) لمّا تحتّم عليهم العذاب ، فتأمله.
ثم ذكر قصة شعيب ، فقال
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٣٧))
يقول الحق جل جلاله : (وَ) أرسلنا (إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً ، فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده ، (وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) أي : خافوه ، واعملوا ما ترجون به الثواب فيه ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ؛ قاصدين الفساد ، (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) ؛ الزلزلة الشديدة ، أو : الصيحة من جبريل عليهالسلام ؛ لأن القلوب رجفت بها ، (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) ؛ بلدهم وأرضهم ، (جاثِمِينَ) ؛ باركين على الركب ؛ ميتين.
الإشارة : العبادة مع الغفلة عن العواقب الغيبية المستقبلة ، لا جدوى لها ، كأنها عادة ، وخوف العواقب ، من غير استعداد لها ، خذلان ، والاجتهاد فى العمل ، مع ارتقاب العواقب الغيبية ، فلاح ، من شأن أهل البصائر ، كما قال تعالى فى حق من مدحهم من أكابر الرسل : (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (٢).
ثم ذكر قوم هود وصالح وموسى ـ عليهمالسلام ـ فقال :
(وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ
__________________
(١) الآيتان : ٧٥ ـ ٧٦ من سورة هود.
(٢) الآيتان : ٤٥ ـ ٤٦ من سورة «ص».