كان الواجب عليه بمكة ركعتين ، فى أي وقت اتفقت ، وإنما فرضت الخمس بالمدينة. والأكثر على أنها فرضت بمكة. ه.
ثم ذكر وجه استحقاقه للحمد والتنزيه بقوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) ، الطائر من البيضة ، والإنسان من النطفة ، أو : المؤمن من الكافر ، والعالم من الجاهل. (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) ، البيضة من الطائر ، والنطفة من الإنسان ، أو : الكافر من المؤمن ، والجاهل من العالم. (وَيُحْيِ الْأَرْضَ) بالنبات (بَعْدَ مَوْتِها) بيبسها ، (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) ، والمعنى : أن الإبداء والإعادة متساويان فى قدرة من هو قادر على إخراج الحي من الميت ، وعكسه.
روى عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) .. إلى الثلاث آيات ، وآخر سورة الصافات : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ..) إلخ .. دبر كلّ صلاة ، كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء ، وقطر الأمطار ، وورق الأشجار ، وتراب الأرض. فإذا مات ؛ أجرى له بكل لفظ عشر حسنات فى قبره» (١) نقله الثعلبي والنسفي. وعنه ـ عليه الصلاة والسلام : «من قال حين يصبح : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) .. إلى قوله : (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) ؛ أدرك ما فاته فى يومه ، ومن قاله حين يمسى ؛ أدرك ما فاته فى ليلته» (٢). رواه أبو داود.
وقال الضحاك : من قال : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ ..) إلخ ؛ كان له كعدل مائتى رقبة من ولد إسماعيل. ه. زاد كعب : ولم يفته خير كان فى يومه ، ولا يدركه شر كان فيه. وإن قالها فى المساء ؛ فكذلك. وكان إبراهيم الخليل عليهالسلام يقرأها ست مرات فى كل يوم وليلة. ه.
الإشارة : أما وجه الأمر بالتنزيه حين المساء والصباح ؛ فلأنّ المجوس كانوا يسجدون للشمس فى هذين الوقتين ؛ تسليما وتوديعا ، فأمر الحق تعالى المؤمنين أن ينزهوه عمن يستحق العبادة معه ، وأما العشى ؛ فلأنه وقت غفلة الناس فى جمع حوائجهم ، وأما وقت الظهيرة ؛ فلأن جهنم تشتعل فيه ؛ كما فى الحديث ، وأمر بحمده والثناء عليه فى كل وقت ؛ لما غمره من النعم الظاهرة والباطنة.
قال القشيري : فمن كان صباحه بالله ؛ بورك له فى يومه ، ومن كان مساؤه بالله ؛ بورك له فى ليلته ، وأنشدوا :
وإنّ صباحا نلتقى فى مسائه |
|
صباح على قلب الغريب حبيب (٣) |
__________________
(١) انظر : تفسير النسفي (٢ / ٦٩٥).
(٢) أخرجه أبو داود فى (الأدب ، باب ما يقول إذا أصبح ، ٥ / ٣١٦ ، ح ٥٠٧٦) ، والطبراني فى الكبير (١٢ / ٢٣٩ ح ١٢٩٩١) ، وابن السّنّي فى عمل اليوم والليلة (ح ٥٥) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره (٣ / ٤٢٨) : إسناده جيد.
(٣) البيت : لإبراهيم بن المهدى ، يذكر ابنه. انظر الكامل للمبرد (٢ / ٣١٤) ، وفيه : صباح إلى قلبى ، الغداة ، حبيب.