أبو هريرة : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد للقيت الله بزوجة ، سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «شراركم عزّابكم ، إذا تزوج أحدكم عجّ شيطانه : يا ويله عصم ابن آدم ثلثى دينه». وقال صلىاللهعليهوسلم : «مسكين ، مسكين ، رجل ليست له امرأة ، ومسكينة ، مسكينة ؛ امرأة ليست لها زوج ، قالوا : يا رسول الله! وإن كانت غنية من المال؟ قال : وإن».
وقال أبو أمامة : (أربعة لعنهم الله من فوق عرشه ، وأمّنت عليهم ملائكته : الذي يحصر نفسه عن النساء ، فلا يتزوج ولا يسترى ؛ لئلا يولد له ، والرجل يتشبه بالنساء ، والمرأة تتشبه بالرجال ، وقد خلقها الله أنثى ، ومضلل المساكين). وقال سهل بن عبد الله : لا يصح الزهد فى النساء ؛ لأنهن قد حببن إلى سيد الزاهدين. ووافقه ابن عيينة ، فقال : ليس فى كثرة النساء دنيا ؛ لأن أزهد الصحابة كان علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه ، وكان له أربع نسوة وبضّع عشرة سرّيّة. ه. من القوت.
وقال عطية بن بسر المازني : أتى عكاف بن وداعة الهلالي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال له : «يا عكاف ؛ ألك زوجة؟ قال : لا ، يا رسول الله ، ولا أمة؟ قال : لا. قال : وأنت صحيح موسر؟ قال : نعم ، والحمد لله. قال : فإنك ، إذا من إخوان الشياطين ، إما أن تكون من رهبان النصارى ، وإما أن تكون مؤمنا ، فاصنع ما بدا لك. فإن من سنتنا النكاح ، شراركم عزابكم ، وأرذال موتاكم عزابكم ، ما للشيطان ، فى سلاح ، أبلغ من محتمل العزبة ، ألا إن المتزوجين هم المطهرون المبرءون من الخنا» (١). انظر الثعلبي.
قال تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) أي : ليجتهد فى العفة عن الزنا وقمع الشهوة من لم يجواد الاستطاعة على النكاح ؛ من المهر والنفقة ، (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ؛ حتى يقدرهم الله على المهر والنفقة ، قال عليه الصلاة والسلام : «يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغضّ للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء» (٢) ، فانظر كيف رتّب الحق تعالى هذه الأمور أمر ،
__________________
(١) أخرجه مطولا أحمد فى المسند (٥ / ١٦٣ ـ ١٦٤) وعبد الرزاق فى المصنف (٦ / ١٧٢ ، ح ١٠٣٨٧) والطبراني فى الكبير (١٨ / ٨٥ ح ١٨٥).
(٢) أخرجه البخاري فى (النكاح ، باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : من استطاع الباءة فليتزوج ح ٥٠٦٥) ، ومسلم فى (النكاح ، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه ٢ / ١٠١٨ ، ح ١٤٠٠) ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.