جاهل ، أو ناسك عراقى غليظ الطبع. قال التجيبى : وعن أنس ؛ كنا عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، إذ نزل عليه جبريل ، فقال : يا رسول الله فقراء أمتك يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام ، وهو نصف يوم ، ففرح فقال : أفيكم من ينشدنا؟ فقال بدوي : نعم ، يا رسول الله ، فقال : هات ، هات ، فأنشد البدوي يقول :
قد لسعت حيّة الهوى كبدى |
|
فلا طبيب له ولا راقى |
إلّا الحبيب الّذى شغفت به |
|
فعنده رقيتى وترياقى |
فتواجد عليهالسلام ، وتواجد أصحابه معه ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فلما خرجوا ، أوى كل واحد إلى مكانه ، فقال معاوية : ما أحسن لعبكم يا رسول الله! فقال : مه ، مه ، يا معاوية ، ليس بكريم من لم يهتز عند ذكر الحبيب ، ثم اقتسم رداءه من حضرهم بأربعمائة قطعة. وذكره المقدسي هكذا ، والسهروردي فى عوارفه ، وتكلم الناس فى هذا الحديث (١).
وقد تخلف الحسن البصري ذات يوم عن أصحابه ، وسئل عن تخلفه ، فقال : كان فى جيراننا سماع. وقال الشبلي : السماع ظاهرة فتنة ، وباطنة عبرة. فمن عرف الإشارة حلّ له سماع العبرة ، وإلا فقد استدعى الفتنة (٢). ه. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ ..) إلخ ، هذا مثال لمن لم يقبل الوعظ ؛ لقسوة قلبه ، وحكم المشيئة يبعده ، فلا يزيده كثرة الوعظ إلا نفورا ، فسماعه كلا سماع ، ومعالجته عنى وضياع ، كما قال القائل :
إذا أنا عاتبت الملول ؛ فإنّما |
|
أخط بأفلك على الماء أحرفا |
ثم بيّن فلاح المحسنين ، فقال :
__________________
(١) هذا الكلام كذب صريح ، وإفك قبيح. قال العلامة الآلوسى : لا أصل له بإجماع محدثى أهل السنة ، وما أراه إلا من وضع الزنادقة. راجع تفسير الآلوسى (١١ / ٧٢) ؛ ففيه ما يكفى للرد على هذا الافتراء. وقال السيوطي فى الحاوي (١ / ٣٣٦) ما معناه : إن الحديث باطل ، موضوع ، باتفاق أهل الحديث.
(٢) اختلفت الآراء حول السماع ، فأباحه البعض ، وكرهه البعض ، وحرّمه البعض. راجع فى هذه المسألة : الاعتصام للإمام الشاطبي (١ / ٢٢٠) اللمع للسّراج الطوسي (٣٣٨ ـ ٣٧٤) ـ حقائق عن التصوف ، للشيخ عبد القادر عيسى ١٩٧ ـ ٢٠٩.