الإشارة : قال القشيري : الحكمة : الإصابة فى [الفعل] (١) والعقد والنطق. ويقال : الحكمة : متابعة الطريق ، من حيث توفيق الحق ، لا من حيث همة النفس. ويقال : الحكمة : ألا يكون تحت سلطان الهوى. ويقال : هى معرفة قدر نفسك حتى لا تمدّ رجليك خارجا عن كسائك. ويقال : ألا تستعصى على من تعلم أنك لا تقاومه. وحقيقة الشكر : انفتاح عين القلب لشهود ملاطفات الحق. ويقال : الشكر : تحقّقك بعجزك عن شكره. ويقال : ما به يحصل كمال استلذاذ النعمة. ويقال : هو فضلة تظهر على اللسان من امتلاء القلب من السرور ، فينطق بمدح المشكور. ويقال : الشكر : نعت كلّ غنيّ ، كما أن الكفران وصف كلّ لئيم. ويقال : الشكر : قرع باب الزيادة. ه. قلت : والأحسن : أنه فرح القلب بإقبال المنعم ، فيسرى ذلك فى الجوارح.
ثم قال فى قوله : (لا تُشْرِكْ بِاللهِ) : الشرك على ضربين : جلىّ وخفىّ ، فالجلىّ ؛ عبادة الأصنام ، والخفىّ : حسبان شىء من الحدثان من الأنام ـ أي : أن تظن شيئا مما يحدث فى الوجود أنه من الأنام ـ ويقال : الشرك : إثبات غين مع شهود العين ، ويقال : الشرك ظلم على القلب ، والمعاصي ظلم على النفس ، فظلم النفس معرّض للغفران ، وظلم القلب لا سبيل للغفران إليه. ه.
ثم أمر ببر الوالدين ، الذي تقدم السؤال عنه فى سبب نزول السورة ، فقال :
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥))
قلت : الجملتان معترضتان بين أجزاء توصية لقمان لابنه. و (وهنا) : حال من (أمه) ، أي : حملته حال كونها ذات وهن ، أو من الضمير المنصوب ، أي : حملته نطفة ، ثم علقة .. إلخ ، أو مصدر ، أي : تهن وهنا.
يقول الحق جل جلاله : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) ؛ أن يبرّهما ويطيعهما ، ثم ذكر الحامل على البر فقال : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) أي : تضعف ضعفا فوق ضعف ، أي : يتزايد ضعفها ويتضاعف ؛ لأن الحمل ، كلما ازداد وعظم ، ازدادت ثقلا. (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) أي : فطامه لتمام عامين. وهذا أيضا مما يهيج
__________________
(١) فى القشيري [العقل].