الدينية أو النّسبيّة. أو بيوتا فارغة ، أو مسجدا ، بأن تقولوا : السلام عليكم ، أو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، إن كانت خاوية. (تَحِيَّةً) ، من نصب فعلى المصدر لسلّموا ؛ لأنها فى معنى تسليما ، (مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي : بأمره مشروعة من لدنه ، أو لأنها طلب للسلامة ، وهى بيد الله ، (مُبارَكَةً) : مستتبعة لزيادة الخير والثواب ودوامهما ، (طَيِّبَةً) : تطيب بها نفس المستمع. وعن أنس رضي الله عنه أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : «من لقيت أحدا من أمتى فسلم عليه ، يطل عمرك. وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خير بيتك ، وصل صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار الأوابين» (١).
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) ، تكرير ؛ لتأكيد الأحكام المختتمة وتفخيمها ، (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) : لكى تعقلوا ما فى تضاعيفها من الشرائع والأحكام ، وتعملوا بموجبها ، فتفوزوا بسعادة الدارين. والله تعالى أعلم.
الإشارة : السلام على النفس : هو طلب الأمان لها ومنها ، فإذا سلمت النفس من موجبات الغضب من الله ، سلم صاحبها منها ، قال القشيري : السلام : الأمان ، فسبيل المؤمن إذا دخل بيتا أن يسلّم من الله على نفسه ، يعنى : بأن يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، وأن يطلب السلامة والأمان من الله تعالى ، لتسلم نفسه من الإقدام على ما لا يرضى الله ، إذ لا يحل لمسلم أن يفتر لحظة عن الاستجارة بالله ، بأن لا يرفع عنه ظل عصمته بإدامة حفظه من الاتصاف بمكروه الشرع. ه.
ولمّا تكلم على الاستئذان فى الدخول ، تكلم على الاستئذان فى الخروج ، إذا كان مع كبير القوم ، فقال :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢))
يقول الحق جل جلاله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ، إنما ذكر الإيمان بالله ورسوله فى حيز الصلة للموصول الواقع خبرا للمبتدأ ، مع تضمنه له ؛ تقريرا لما قبله ، وتمهيدا لما بعده ، وإيذانا بأن ما بعده حقيق بأن يجعل قرينا للإيمان بهما ومنتظما فى سلكه.
__________________
(١) أخرجه مطولا ، البيهقي فى شعب الإيمان (ح ٨٧٥٨) ، وزاد المناوى عزوه فى الفتح السماوي (٢ / ٨٧٩) للثعلبى والجرجاني فى تاريخ جرجان ، وسنده ضعيف.