[٣٨] ـ (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها) كرّر تأكيدا ، أو ؛ لاختلاف الحالين ، إذ الأوّل : هبوط قرن بالتّعادي ، والثّاني : هبوط للتكليف. وقيل : الأول : من الجنة إلى سماء الدنيا ، والثاني : منها إلى الأرض ، (١) و (جَمِيعاً) حال للتأكيد فلا يقتضي هبوطهم مجتمعين في وقت واحد (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) «ما» زائدة تؤكّد «إن» الشرطية ليحسن تأكيد الفعل وإن لم يتضمّن طلبا ، وجواب الشّرط جملة : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي : إن يأتكم منّي هدى برسول أو كتاب فمن تبعه منكم نجا وفاز.
وأتى بحرف الشّك ـ وإتيان الهدى كائن قطعا ـ إيذانا باقتضاء العقل وجوب الإيمان بالله وإن لم يأت به رسول. ولم يضمر الهدى ـ الثّاني ـ لانّه أعمّ من الأوّل لشموله العقليّ والنقليّ ، أي : فمن تبع ما أتاه وما اقتضاه العقل فلا يلحقهم خوف ، فضلا عن المخوف ، ولا يفوتهم محبوب فيحزنوا عليه. نفى عنهم العقاب وأثبت لهم الثواب بأبلغ وجه.
[٣٩] ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) عطف على «فمن تبع» بجملته ، كأنّه قيل : ومن لم يتبع بل كفروا بالله وكذّبوا بآياته.
ومتعلق الظرف الفعلان.
والآية : العلامة ، وتقال للمصنوع باعتبار دلالته على الصّانع ، ولكلّ طائفة من القرآن متميّزة بفصل ، والمراد «بآياتنا» : الآيات المنزلة ، أو : هي والمعقولة. و «الذين» مبتدأ و «أولئك» بدل منه و «اصحاب» خبره ، أو خبر «أولئك» والجملة خبره ، وما بعدها مقرّر لها ؛ ولذلك قطع.
وما جرى على «آدم» إنّما كان عتابا له على ترك الأولى ، ولاقتضاء المصلحة بعد تناوله من الشجرة إهباطه إلى الأرض ، وابتلاءه بالتّكليف ، وسلبه اللباس تشديدا
__________________
(١) قاله الجبّائي ـ كما في تفسير التبيان ١ / ١٧٣.