أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) : فإن وثق الدّائن بالمديون ولم يرتهن منه (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) أي : دينه الذي ائتمنه عليه ، وسمي أمانة لذلك. (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) في الخيانة (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ) أيّها الشّهود (وَمَنْ يَكْتُمْها) مع تمكّنه من أدائها (فَإِنَّهُ آثِمٌ) خبر «إنّ» (قَلْبُهُ) فاعله ، أو مبتدأ و «آثم» خبره ، والجملة خبر «إنّ» وأسند الإثم إلى القلب لأن الكتمان فعله ، أو : لأنه رئيس الأعضاء ، فكأنه قيل : تمكّن الإثم في نفسه. وملك أشرف أعضائه (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ترهيب.
[٢٨٤] ـ (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وخلقا (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ) من السّوء (أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) في القيامة (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) فضلا (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) عدلا ، ولا يدخل ـ فيما يخفيه الإنسان ـ ما ليس في وسعه الخلوّ منه ، كحديث النفس ، ولكن ما اعتقده وعزم عليه (١) ولا ينافيه ما اشتهر : انه لا يعاقب بعزم المعصية ، ويثاب بعزم الطّاعة ، لجواز كون معناه : أنّه لا يعاقب عقاب تلك المعصية وإن عوقب عقاب العزم ، بخلاف عزم الطّاعة فانّه يثاب به ثواب تلك الطاعة تفضّلا منه تعالى. ورفعهما (٢) «ابن عامر» و «عاصم» استئنافا ، وجزمهما الباقون عطفا على الجزاء (٣) (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على المغفرة والعذاب.
[٢٨٥] ـ (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) عطف على الرّسول (كُلٌ) أي : كلّ واحد منهم ، فالضّمير المنويّ للرسول والمؤمنين ، أو : مبتدأ ، والضمير للمؤمنين ، والخبر : جملة : «كلّ» (آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ). وقرأ «حمزة» و «الكسائي» : «وكتابه» ، (٤) أي : القرآن أو : الجنس (لا نُفَرِّقُ) يقولون :
__________________
(١) يريد : لكن يدخل فيما يخفيه الإنسان ما اعتقده وعزم عليه. فيعاقب عليه.
(٢) اي : «يغفر» و «يعذب».
(٣) حجة القراءات : ١٥٢ ، والجزاء هو قوله تعالى : (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ).
(٤) حجة القراءات : ١٥٢.