رضعت قط ، وكان رزقها يأتيها من الجنة كرامة لها ، (١) ومن منع ذلك لغير الأنبياء جعله إرهاصا (٢) لنبوّة عيسى ـ عليهالسلام ـ ، أو : معجزة لزكريّا (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) : بغير تقدير لكثرته ، أو بغير استحقاق تفضّلا به. من كلامها ، أو :
كلامه تعالى. ولفاطمة عليهاالسلام مثل هذه الكرامة. (٣) [٣٨] ـ (هُنالِكَ) في ذلك المكان ـ أو : الوقت ؛ إذ تستعار للزمان ـ (دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) لما رأى كرامة مريم على الله (قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) كما وهبتها ل «حنّة» العاقر العجوز ، أو : لمّا رأى الفاكهة في غير وقتها طمع في ولادة العاقر ، فسأل الولد (إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) : مجيبه.
[٣٩] ـ (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) جبرئيل ، أي : نودي من جنسهم ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» : «فناداه» بالتذكير والإمالة (٤) (وَهُوَ قائِمٌ) حال عن «الهاء» (يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) حال من الضمير في «قائم» (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ) أي : بأن الله ، وكسرها «حمزة» و «ابن عامر» على إضمار القول أو لأن النّداء منه ، وخفف «حمزة» «يبشرك» فاتحا ياءه. (٥) (بِيَحْيى) علم أعجمي ، وإن كان عربيا فمنع صرفه للتعريف ووزن الفعل (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) أي : بعيسى ، سمي بذلك ، لأنه حصل بأمره تعالى بلا أب (وَسَيِّداً) يسود قومه وقد فاق النّاس في أنه ما ارتكب سيّئة (وَحَصُوراً) : لا يقرب النساء حصرا لنفسه عن الشهوات (وَنَبِيًّا) ناشئا (مِنَ الصَّالِحِينَ) أو كائنا من جملة الأنبياء.
__________________
(١) نقله البيضاوي في تفسيره ٢ : ١٦.
(٢) الإرهاص : الأمر الخارق العادة الذي ظهر من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل بعثته.
(٣) وردت فيه روايات كثيرة ، للتفصيل ينظر تفسير الدر المنثور ١ / ٢٠ ، تفسير الكشّاف ١ / ٣٢١ جوامع الجامع ١ / ١٧١ ، مناقب آل ابى طالب لابن شهر آشوب ٣ / ٣٣٩.
(٤) حجة القراءات : ١٦٢.
(٥) حجة القراءات : ١٦٢ ـ ١٦٣.