على «إنّي وضعتها» ، وما بينهما اعتراض. وذكرت تسميتها لربها طلبا لأن يعصمها حتى يطابق فعلها اسمها ، لأن مريم في لغتهم بمعنى : العابدة (وَإِنِّي أُعِيذُها) :
أجيرها (بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) : المطرود.
[٣٧] ـ (فَتَقَبَّلَها رَبُّها) : فرضي بها في النّذر مكان الذكر (بِقَبُولٍ حَسَنٍ) القبول : ما يقبل به الشيء ، وهو اختصاصها بإقامتها مقام الذكر ، أو : مصدر على حذف مضاف ، أي : بذي قبول حسن (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) مجاز عن تربيتها بما يصلحها (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) شدّد «الفاء» و «حمزة» و «الكسائي» و «عاصم» ، وقصروا : «زكريّا» غير «عاصم» ـ في رواية ـ على أنه مفعول والفاعل هو الله ، أي جعله الله كافلا لها ، وضامنا لمصالحها ، وخفف الباقون ومدوا «زكريّا» مرفوعا. (١)
روي : أن «حنة» حين ولدتها لفتها في خرقة وأتت بها إلى المسجد ، وقالت للأحبار : «دونكم النذيرة» فتنافسوا فيها ؛ لأنها كانت بنت إمامهم ، وصاحب قربانهم ، وكان بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل وملوكهم ، فقال زكريّا : «أنا أحقّ بها ، عندي أختها» فأبوا إلّا القرعة فانطلقوا ـ وهم سبعة وعشرون ـ إلى نهر ، وألقوا فيه أقلامهم ، فطفا قلم «زكريّا» ورسبت أقلامهم ، فتكفلها (٢) (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ) أي : الغرفة التي بناها لها ، أو : المسجد ، أو : أشرف مواضعه ، سمي به لأنه محلّ محاربة الشيطان (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) قيل : كان يدخل عليها وحده ، وإذا خرج أغلق عليها سبعة أبواب ، فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، والشتاء في الصيف (قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى) من أين (لَكِ هذا) : الرزق الآتي في غير حينه والأبواب مغلقة (قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فلا تستبعد. قيل : تكلمت صغيرة كعيسى ، وما
__________________
(١) حجة القراءات : ١٦١.
(٢) رواه ابن إسحاق وجماعة ـ كما في تفسير مجمع البيان ١ : ٤٣٦ ـ.