مِنْ تُرابٍ) جملة مفسرة لما لأجله الشّبه ، وهو : خلقه بلا أب ، كخلق آدم بلا أب وأمّ ، شبّه الغريب بالأغرب ، ليكون أقطع للخصم ، والمعنى : قدّره جسدا من التّراب (ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ) أي : انشأه بشرا كقوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (١) (فَيَكُونُ) حكاية حال ماضية.
[٦٠] ـ (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) خبر محذوف (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) نهيه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من باب التهيّج لزيادة اليقين.
[٦١] ـ (فَمَنْ حَاجَّكَ) من النصارى (فِيهِ) في عيسى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) : من الدلائل الموجبة للعلم (فَقُلْ تَعالَوْا) : هلّموا بالعزم (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) أي : يدع كلّ مني ومنكم أبناءه ونساءه ومن هو كنفسه ، الى المباهلة (ثُمَّ نَبْتَهِلْ) نتباهل ، بأن نلعن الكاذب منّا.
والبهلة ـ بالفتح والضمّ ـ اللعنة (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) عطف مفسر.
روي : انهم حين دعوا الى المباهلة قالوا : حتى ننظر ، فتخالوا ، فقال العاقب ـ وكان ذا رأيهم ـ : والله لقد عرفتم نبوّته ، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم.
والله ما باهل قوم نبيّا إلّا هلكوا ، فإن أبيتم إلّا إلف (٢) دينكم فوادعوه وانصرفوا.
فأتوه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقد غدا آخذا بيد عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، والحسن والحسين بين يديه ، وفاطمة خلفه ـ.
فقال أسقفهم : يا معشر النصارى ، إنّي لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ، فلا تبهلوا. فأبوا المباهلة وصالحوه على ألفي حلة ، وعارية ثلاثين درعا في كل عام.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : والّذي نفسي بيده ، لو باهلوا لمسخوا قردة وخنازيرا ،
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٤.
(٢) الإلف بكسر الهمزة : الصداقة والمؤانسة.