ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر. (١)
وهو برهان واضح على صحّة نبوّته ، وعلوّ درجة أهل العبا (٢) في الفضل على من سواهم.
[٦٢] ـ (إِنَّ هذا) الذي قصّ من نبأ عيسى عليهالسلام (لَهُوَ) فصل ، أو : مبتدأ خبره : (الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ) «من» مزيدة للاستغراق ، وهو ردّ على النصارى في تثليثهم (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) المتفرّد في القدرة الكاملة والحكمة البالغة ، فلا يشارك في الإلهية.
[٦٣] ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) وعيد لهم. ولم يقل : «بهم» ليدلّ على أن الإعراض عن الحجج والتوحيد إفساد للدّين بل للعالم.
[٦٤] ـ (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) هم أهل الكتابين ، أو : وفد نجران ؛ أو : يهود المدينة (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ) : مستوية (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) لا يختلف فيها الرسل ، والكتب وتفسيرها (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) أن نوحّده بالعبادة مخلصين (وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) ولا نجعل أحدا شريكا له في استحقاق العبادة (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) ولا نقول : عزير ابن الله ، ولا : المسيح ابن الله ، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التّحليل والتّحريم ، لأن كلّا منهم بعضنا وبشر مثلنا.
روي أنّه حين نزلت : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ). (٣) قال «عدي بن حاتم» : ما كنا نعبدهم يا رسول الله ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
أليسوا كانوا يحلون لكم ويحرمون ، فتأخذون بقولهم؟ فقال : نعم. قال (ص) : «هو
__________________
(١) نقل هذه الرواية البيضاوي في تفسيره ٢ : ٢٢ وروى بعضه الطبرسي في تفسير مجمع البيان ١ : ٤٥٢.
(٢) يراد بهم اصحاب الكساء وهم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها صلوات الله عليهم أجمعين.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ٣١.