فضلت من نصوصها عند الاختلاف (وهو اختلاف ـ كما قلت ـ ليس ذا بال) ما اتفق عليه أكثرها وما بدا لي أنّه أولى بالتفضيل كما نقلت قواعد الخط «الإملاء» من رسومها القديمة إلى ما يأتلف مع قواعد الرسم الحديث وأضفت قواعد الترقيم وشكل بعض الكلمات التي في لغتها أو اعرابها محل للبس في القراءة وسيرى القارئ أن بعض الجمل ـ لمكانها من الإيجاز ـ يستعصي فهمها لو لا هذا الشكل والترقيم.
وقد بذلت جهدي في التصحيح ولكني لم أسلم من غلط فاتني رغم الحرص والحذر وسيعذرني من يمارس النشر المشكول وبخاصة الشكل للقرآن في مطابع العراق.
خصائص الكتاب
ولهذا التفسير جملة خصائص تميّزه عن باقي كتب التفسير :
أولها : فهم المؤلّف للنصوص القرآنية فهما أدبيّا يبعد به عمّا ألفه كثير من المفسرين في القديم والحديث من وصل النص القرآني بمختلف ثقافاتهم في غلوّ وإسراف وصلا طالما ظهر فيه اثر التكلّف والصناعة وأضاع على الناس الروعة الاسلوبية التي هي أبرز خصائص القرآن وأقواها برهانا على أعجازه.
ثانيها : ذكر الآراء المختلفة للمفسرين الذين سبقوه بأمانة وضبط في غير لجاجة من دحض فكرة أو تفضيل رأي ، ثم ذكر ما يذهب المؤلف اليه بنفس الروح الهادىء المستقيم.
ثالثها : عدم التبسط في ناحية وتحيف ناحية اخرى ، بل يعطي المؤلف لكل أمر حقه من الوفاء الموجز ، فالقراءات ، وأسباب النزول ، واللغة ، والنحو ، والبلاغة ، والأحكام الفقهية ، والمسائل الكلامية ، والتاريخ القصصي ، جميعا ؛ تأخذ نصيبا واحدا من العناية. وهذا حظّ في التأليف قلّ من وهبه ، وهو دليل استيعاب الرجل