الصادقين ـ عليهماالسلام ـ (١) (ذلِكُمْ فِسْقٌ) أي تناول هذه المحرمات خروج عن الطاعة ، أو الإشارة الى الاستقسام (الْيَوْمَ) لم يرد يوم بعينه ، بل أريد الحاضر وما بعده من الزمان. وقيل : يوم نزولها وهو يوم الجمعة ، عرفة حجة الوداع (٢) (يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) من ارتدادكم عنه بتحليل ما حرم أو غيره أو من أن يغلبوه (فَلا تَخْشَوْهُمْ) أن يقهروكم (وَاخْشَوْنِ) بالإخلاص (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) بنصركم على عدوكم ، أو ببيان الأحكام والفرائض ، واصول الشرائع.
وعن الصادقين ـ عليهماالسلام : «أنها نزلت بعد أن نصب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا علما للأنام يوم غدير خم ، منصرفة من حجة الوداع ، وهو آخر فريضة أنزلها» (٣) (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) بولاية علي عليهالسلام ، أو إكمال الدين ، أو فتح مكة (وَرَضِيتُ) اخترت (لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) من بين الأديان (فَمَنِ اضْطُرَّ) الى أكل شي ، من هذه المحرمات. فهذا متّصل بها وما بينهما اعتراض يؤكد التحريم (فِي مَخْمَصَةٍ) مجاعة (غَيْرَ مُتَجانِفٍ) مائل (لِإِثْمٍ) بأن يأكل تلذذا.
أو يتعدى حدّ الضرورة ، أو يبغي على الإمام ، أو يقطع الطريق (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) للذنوب فلا يعاقب المضطر فيما رخّص له (رَحِيمٌ) بعباده برخصه لهم.
[٤] ـ (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) من المطاعم ، كأنّهم لما تلا عليهم المحرّمات سألوه عما أحل لهم ، وأوقع السؤال على الجملة لتضمنه معنى القول. و «ماذا» مرّ بيانه. ولم يقل «لنا» على الحكاية ، لأن «يسئلونك» للغيبة ، والوجهان صواب (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ما لم تستخبثه الطّباع السّليمة ، أو ما لم يدل دليل على حرمته (وَما عَلَّمْتُمْ) عطف على «الطيبات» أي : وصيد ما علمتم ، أو شرط جوابه «فكلوا»
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ٤٣٣.
(٢) قاله مجاهد وابن جريج وابن زيد ـ كما في تفسير مجمع البيان ٢ : ١٥٨ ـ.
(٣) تفسير مجمع البيان ٢ : ١٥٩. وينظر تعليقنا على الآية ٣٣ من سورة الأحزاب.