منه ، إذ المحقر للإسلام معظّم للكفر. أو استئناف ، كأنّ الكفرة قالوا لهم ـ حين قالوا : «إنّا معكم» ـ : فما بالكم توافقون المؤمنين؟ فأجابوا بذلك.
والاستهزاء : السخرية والاستخفاف ، يقال : استهزاء وهزأ بمعنى.
وأصله : الخفّة.
[١٥] ـ (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) يعاملهم معاملة المستهزئ ، بإجراء حكم الإسلام عليهم مع ادّخار ما يراد بهم ، أو يجازيهم على استهزائهم ، سمّي جزاؤه باسمه ك (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ) ، (١) او ينزل بهم الهوان الّذي هو لازم الاستهزاء.
وإنما استؤنف به ليفيد أن الله تعالى يتولّى جزاءهم انتقاما للمؤمنين ، ولم يحوجهم أن يقابلوهم ، وإن ما يفعله تعالى بهم هو الاستهزاء الأبلغ الذي لا اعتداد معه باستهزائهم ، ولم يقل : مستهزئ ـ طبق «مستهزءون» ـ ليفيد حدوث الاستهزاء وقتا فوقتا. (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) من المدد ، ومنه : مدّ الجيش وأمدّه ، أي : زاده ، لا من المدّ في العمر ، لتعدّيه باللّام ويعضده قراءة «ويمدّهم». (٢) وإسناده اليه تعالى إسناد الفعل إلى المسبّب ، لأنّه منعهم ألطافه لإصرارهم على الكفر والعمه ، فازدادت قلوبهم رينا. (٣) وسمي ذلك التّزايد : مددا ، أو لأنه مكّن الشّيطان منهم فزادهم طغيانا.
وإضافة الطّغيان إليهم قرينة المجاز : أو أريد بالمدّ : ترك القسر.
والطغيان مجاوزة الحدّ في العتوّ ، وأصله : تجاوز الشّيء عن موضعه.
والعمه ، التحيّر ، وهو في البصيرة كالعمى في البصر.
[١٦] ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) استبدلوها به. استعارة ، لأنّ
__________________
(١) في سورة الشورى : ٤٢ / ٤٠.
(٢) وهي قراءة «ابن كثير و «ابن محيص» ـ كما في تفسير الكشّاف ١ : ١٨٨ ـ.
(٣) في «ب» : ريبا ، والرين : الطبع والدنس ـ كما في مختار الصحاح «رين» ـ.