والعضب ـ ، (١) غلّب في صغار البقّ. (فَما فَوْقَها) عطف على «بعوضة» ، أي : ما زاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا ، وهو القلّة والحقارة ـ كجناحها إذ ضرب صلىاللهعليهوآلهوسلم به مثلا للدنيا ـ. (٢) أو في الحجم كالذّباب والعنكبوت. كأنّه رد لطعنهم أي إنّه لا يستحيي ضرب المثل بالبعوض فضلا عن الأكبر منه. (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) «أمّا» حرف تفصيل ، فيه معنى الشّرط وتأكيد مدخوله ، فمعنى «أمّا زيد فمنطلق» : مهما يكن من شيء فزيد منطلق ، أي : هو منطلق البتّة.
ففي تصدير الجملتين به مدح بليغ للمؤمنين ، واعتداد بعلمهم ، وذمّ شنيع للكافرين على حمقهم. وضمير «أنّه» للمثل أو ضربه.
والحق : الثّابت الّذي لا يجوز إنكاره ، من «حقّ» أي : ثبت (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ) لم يقل : فلا يعلمون ؛ ليطابق قرينة ، ولدلالة قولهم على كمال جهلهم ، فكنّى به عنه ليكون كالبرهان عليه (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) «ما» استفهاميّة ، و «ذا» بمعنى الّذي ، وتاليه صلته ، والمجموع خبر «ما». أو «ماذا» اسم واحد بمعنى أيّ شيء ، محلّه النّصب ب «أراد» مثل «ما أراد الله».
والإرادة : ضدّ الكراهة ، وهي : ميل النّفس إلى الفعل.
واختلف في إرادته تعالى ، فقيل : إرادته لأفعاله أنّه غير ساه ولا مكره ، ولأفعال غيره أمره بها. وقيل : هي علمه بالنفع ـ المسمّى : بالداعي ـ ، (٣) وقيل : [صفة]
__________________
(١) وهاتان اللفظتان بمعنى القطع ايضا وان اختلت موارد استعمالهما. كما ورد في عوالي اللالي ٤ : ٨١ وفي سنن الترمذي ٤ / ٥٤٠ عن سهل بن سعد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها الكافر شربة ماء».
(٢) قاله النجار ـ كما في كشف المراد : ٢٨٨ ـ.
(٣) قاله ابو الحسن ـ كما في كشف المراد : ٢٨٨ ـ.