أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قدم عام الحديبية فى ذى القعدة معتمرا ومعه الهدى ، فقال كفار مكة : قتل آباءنا وإخواننا ثم أتانا يدخل علينا فى منازلنا ونساءنا ، وتقول العرب : إنه دخل على رغم آنافنا ، والله لا يدخلها أبدا علينا ، فتلك الحمية التي فى قلوبهم (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ) (١) يعنى أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (كَلِمَةَ التَّقْوى) يعنى كلمة الإخلاص وهي ـ لا إله إلا الله ـ (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) من كفار مكة (وَ) كانوا (أَهْلَها) فى علم الله ـ عزوجل ـ (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ـ ٢٦ ـ بأنهم كانوا أهل التوحيد فى علم الله ـ عزوجل ـ.
قوله : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ) وذلك أن الله ـ عزوجل ـ أرى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى المنام وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه وأصحابه حلقوا وقصروا ، فأخبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بذلك أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوه [١٦٣ أ] فى عامهم ذلك ، وقالوا : إن رؤيا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حق. فردهم الله ـ عزوجل ـ عن دخول المسجد الحرام إلى غنيمة خيبر ، فقال المنافقون عبد الله بن أبى ، وعبد الله بن رسل ، ورفاعة ابن التابوه : والله ، ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام. فأنزل الله ـ تعالى ـ («لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ» لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) يعنى العام المقبل (إِنْ شاءَ اللهُ) يستثنى على نفسه مثل قوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ، إِلَّا ما شاءَ اللهُ) «(٢)» ويكون ذلك «تأديبا للمؤمنين» (٣) ألا يتركوا الاستثناء ، فى رد المشيئة
__________________
(١ ، ٢) سورة الأعلى : ٦ ـ ٧.
(٣) فى أ : «تأديب المؤمنين» والورقة ساقطة من ف.