«فنزل (١)» القوم فى سندها فجمعوا حطبا فأوقدوا نارا ، وشووا لحما ، فلما أرادوا أن يرتحلوا تركوا النار ، كما هي في يوم عاصف ، فعجبت الريح «واضطرم الهيكل نارا (٢)» فانطلق الصريخ إلى النجاشي وجاءه الخبر «فأسف (٣)» عند ذلك غضبا للبيعة وسمعت بذلك ملوك العرب الذين هم بحضرته ، فأتوا النجاشي منهم حجر بن شرحبيل ، وأبو يكسوم الكنديان ، وأبرهة بن الصباح الكندي ، فقالوا : أيها الملك ، لا تكاد ولا تغلب نحن مؤازرون لك على كعبة قريش التي بمكة ، فإنها فخرهم ومعتزهم على من بحضرتهم من العرب فننسف بناءها. ونبيح دماءها ، وننتهب أموالها ، «وتمنح (٤)» حفائرها من شئت من سوامك ، ونحن لك على ذلك مؤازرون فاعزم إذا شئت أو أحببت ، أيها الملك. فأرسل الملك الأسود بن مقصود ، فأمر عند ذلك بجنوده «من (٥)» «مزارعى (٦)» الأرض ، فأخرج كتائبه جماهير معهم الفيل ، واسمه محمود ، فسار بهم وبمن معه من ملوك العرب تلقاء مكة فى جحافل تضيق عليهم الطرق ، فلما ساروا مروا بخيل لعبد المطلب ، جد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، مسومة وإبل ، فاستاقها ، فركب الراعي فرسا له أعوجيا (٧) كان يعده لعبد المطلب فأمعن فى السير حتى دخل مكة ، فصعد إلى الصفا فوقى عليه ، ثم نادى بصوت رفيع : يا صباحاه ، يا صباحاه أتتكم السودان معها فيلها ، يريدون أن يهدموا كعبتكم ، ويدعوا عزكم ، ويبيحوا
__________________
(١) فى أ : «فساروا فتزل» ، وفى ل ، ف : «فتزل».
(٢) «واضطرم الهيكل نارا» : من أ ، وفى ف : «واضطرمت الهيكل نار».
(٣) فى أ : «فأشعف» ، وفى ف : «فأسف».
(٤) فى أ : «ويمنح» ، وفى ف : «ويمح».
(٥) فى أ : «من» ، وفى ف «ومن».
(٦) فى أ ، ف : «مزارع» ، والأنسب : «مزارعى».
(٧) فى أ : «أعواجا» ، وفى ف : «أعوجيا».