دماءكم ، وينتهبوا أموالكم ، ويستأصلوا بيضتكم ، فالنجاء النجاء. ثم قصد إلى عبد المطلب ، فأخبره بالأمر كله ، فركب عبد المطلب فرسه ، ثم أمعن جادا فى السير حتى هجم على عسكر القوم ، فاستفتح له أبرهة بن الصباح ، وحجر بن شراحيل ، وكانا خلين فقالا : لعبد المطلب ارجع إلى قومك ، فأخبرهم وأنذرهم أن هذا قد جاءكم «حميا أتيا (١)» فقال عبد المطلب : واللات ، والعزى ، لا أرجع حتى أرجع معى بخيلي ، ولقاحى ، فلما عرفا أنه غير راجع [٢٥٢ أ] ونازع عن قوله قصدا به إلى النجاشي ، فقالا : كهيئة المستهزئين يستهزئان به : أيها الملك ، اردد عليه أبله وخيله فإنما هو وقومه لك بالغداة ، فأمر بردها. فقال عبدالمطلب للنجاشي : «هل لك (٢)» إلى أن أعطيك أهلى ومالي ، وأهل قومي ، وأموالهم ، «ولقاحهم (٣)» على أن تنصرف عن كعبة الله؟ قال : لا. فسار عبد المطلب بإبله وخيله حتى أحرزها ، ونزل النجاشي ذا المجاز ، «موضع (٤)» سوق الجاهلية ، ومعه من العدد والعدة كثير ، وانذعرت قريش وأعروا مكة «فلحقوا (٥)» بجبل حراء وثبير وما بينها من الجبال ، وقال عبد المطلب لقريش : واللات ، والعزى ، لا أبرح البيت حتى يقضى الله قضاءه ، فقد نبأنى أجدادى أن للكعبة ربا يمنعها ، ولن تغلب النصرانية ، وهذه الجنود جنود الله ، وبمكة يومئذ أبو مسعود الثقفي جد المختار ، وكان مكفوف البصر ، «يقيظ (٦)» بالطائف ، ويشتو بمكة ، وكان
__________________
(١) «حميا أتيا» : كذا فى أ ، ف ، ل. والمراد : «شجاعا قويا».
(٢) فى أ : «هلك».
(٣) فى أ : «وأباحهم» ، وفى ف : «ولقاحهم».
(٤) «موضع» : من ف ، وليست فى أ.
(٥) فى أ : «ونحفوا» ، وفى ف : «فلحقوا».
(٦) فى أ : «يقبض» ، وفى ف : «يقيظ» ، والمعنى : يقضى فصل الصيف والقيظ.
تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٥٤