(«لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) (١) ...» يقول لا تدعوه باسمه يا محمد ويا بن عبد الله (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) يقول كما يدعو الرجل منكم باسمه يا فلان ويا بن فلان ، ولكن عظموه ووقروه وفخموه وقولوا له : يا رسول الله ، ويا نبى الله ، يؤدبهم (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) يعنى أن تبطل حسناتكم إن لم تحفظوا أصواتكم عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وتعظموه وتوقروه وتدعوه باسم النبوة ، فإنه يحبط أعمالكم (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) ـ ٢ ـ أن ذلك يحبطها ، فلما نزلت هذه الآية أقام ثابت بن قيس فى منزله مهموما حزينا مخافة أن يكون حبط عمله ، وكان بدريا فانطلق جاره سعد ابن عبادة الأنصارى إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخبره بقول ثابت بن قيس ، بأنه قد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين وهو فى النار. فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لسعد : اذهب فأخبره ، أنك لم تعن بهذه الآية ، ولست من أهل النار ، بل أنت من أهل الجنة وغيرك من أهل النار. يعنى عبد الله بن أبى المنافق ، فاخرج إلينا فرجع سعد إلى ثابت فأخبره بقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ففرح وخرج إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين رآه : مرحبا برجل يزعم أنه من أهل النار بل غيرك من أهل النار ، يعنى عبد الله بن أبى ـ وكان جاره ـ ، وأنت من أهل الجنة. فكان ثابت بعد ذلك إذا كان عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خفض صوته فلا يسمع من يليه ، فنزلت فيه بعد الآية الأولى (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ) يعنى يخفضون كلامهم (عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ) يعنى أخلص الله (قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَأَجْرٌ) يعنى جزاء (عَظِيمٌ) ـ ٣ ـ يعنى الجنة ، فقال ثابت بعد ذلك : ما يسرني أنى لم أجهر بصوتى
__________________
(١) سورة النور : ٦٣.