أخرى مثل ذلك ، ففعل فأكلوا حتى شبعوا ، وشربوا حتى رووا ، فقال [٢٥٥ ب] النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : يا بنى هاشم ، ويا بنى المطلب ، أنا لكم النذير من الله ، وأنا لكم البشير «من الله (١)» إنى قد جئتكم بما لم يجيء به أحد من العرب ، جئتكم فى الدنيا بالشرف ، فأسلموا تسلموا ، وأطيعونى تهتدوا. فقال أبو لهب : تبالك ، يا محمد ، سائر اليوم ، لهذا دعوتنا؟ فأنزل الله ـ عزوجل ـ فيه (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) ـ ١ ـ يعنى وخسر أبو لهب ، ثم استأنف فقال : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ) فى الآخرة (وَما كَسَبَ) ـ ٢ ـ يعنى أولاده عتبة وعتيبة ومعتب لأن ولده من كسبه (سَيَصْلى) يعنى سيغشى أبو لهب (ناراً ذاتَ لَهَبٍ) ـ ٣ ـ ليس لها دخان (وَامْرَأَتُهُ) وهي أم جميل «بنت (٢)» حرب ، وهي أخت أبى سفيان بن حرب (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) ـ ٤ ـ يعنى كل شوك يعقر كانت تلقيه على طريق النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ليعقره ، ثم أخبره بما يصنع بها فى الآخرة ، فقال ، (فِي جِيدِها) فى عنقها يوم القيامة (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) ـ ٥ ـ يعنى سلسلة من حديد ، فلما نزلت هذه الآية فى أبى لهب قيل لها : إن محمدا قد هجا زوجك ، وهجاك ، وهجا ولدك ، فغضبت وقامت فأمرت وليدتها أن تحمل ما يكون فى بطن الشاة من الفرث والدم والقذر ، فانطلقت لتستدل على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لنلقى ذلك عليه فتصغره ، وتذله به ، لما بلغها عنه ، فأخبرت أنه فى بيت عند الصفا ، فلما انتهت إلى الباب سمع أبو بكر ـ رحمة الله عليه ـ كلامها ، وكان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ داخل البيت فقال أبو بكر ـ رحمة الله عليه ـ : يا رسول الله إن أم جميل قد جاءت ، وما أظنها جاءت بخير. فقال
__________________
(١) «من الله» : من ف ، وليست فى أ.
(٢) فى أ : «ابنت» وفى ، ف : «بنت» وهو الصواب لوقوعها بين علمين أحدهما ابنا للآخر ، وليس الثاني منهما فى أول السطر.