٢ ـ أنّه نبي امّي لم يتعلم القراءة والكتابة ، وقد نهض من بين جماهير الناس من أرض مكة أم القرى قاعدة التوحيد الأصلية : (الْأُمِّىَّ).
٣ ـ ثم إنّ هذا النبي هو (الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَيةَ وَالْإِنجِيلِ).
٤ ـ ومن سمات هذا النبي أنّ دعوته تتطابق لنداء العقل مطابقة كاملة ، فهو يدعو إلى كل الخيرات وينهى عن كل الشرور والممنوعات العقلية : (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْههُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ).
٥ ـ كما أنّ محتوى دعوته منسجم مع الفطرة الإنسانية السليمة ، فهو يحل ما ترغب فيه الطباع السليمة ويحرم ما تنفر منه (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ).
٦ ـ أنّه ليس كأدعياء النبوة والرسالة الذين يهدفون إلى توثيق الناس بأغلال الاستعمار والاستثمار والاستغلال ، بل هو على العكس من ذلك ، إنّه يرفع عنهم إصرهم والأغلال التي تكبّل عقولهم وأفكارهم وتثقل كاهلهم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْللَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ) (١).
وبما إنّ هذه الصفات الست بالاضافة إلى الصفة السابعة وهي مقام الرسالة تشكّل من حيث المجموع علامة واضحة ودليل قاطع على صدق دعواه ، فيضيف القرآن الكريم : (فَالَّذِينَءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
بحثان
١ ـ خمسة أدلة على النبوة في آية واحدة : الأوّل : أنّه «امّي» لم يدرس ، ولكنه مع ذلك أتى بكتاب لم يغيّر مصير أهل الحجاز فقط ، بل كان نقطة تحول هام في التاريخ البشري.
الثاني : أنّ دلائل نبوته قد وردت بتعابير مختلفة في الكتب السماوية السابقة على نحو توجد علماً لدى المرء بحقانيته ....
الثالث : أنّ محتويات دعوته تنسجم انسجاماً كاملاً مع العقل.
الرابع : أنّ محتويات دعوته منسجمة مع الطبع السليم والفطرة السويّة.
الخامس : لو لم يكن من جانب الله لكان عليه أن يقوم بما يضمن مصالحه الخاصة ، وفي هذه الصورة كان يتعين عليه أن لا يرفع الأغلال والسلاسل عن الناس ، بل عليه أن يبقيهم في حالة الجهل والغفلة لاستغلالهم بنحو أفضل ، في حين أنّنا نجده يحرر الناس من الأغلال الثقيلة.
أغلال الجهل والغفلة عن طريق الدعوة المستمرة إلى العلم والمعرفة.
__________________
(١) «الإصر» : يعني في الأصل عقد الشيء وحبسه ، ويطلق على كل عمل يمنع الإنسان من الفعالية والحركة.